mardi 12 juin 2018

قصة الفراشاتِ (القصة الرابعةُ) حماقة الفراشةِ البُرتُقالية .. بقلم الأديبة الرائعة ميّٓادة مهنِّا سليمان

قريةُ الفراشاتِ (القِصَّةُ الرَّابعةُ)
حماقةُ الفراشةِ البُرتُقاليَّةِ
كان يومًا صيفيًّا معتدلًا، استيقظتِ الفراشاتُ، وجمعْنَ رحيقَ الأزهارِ اللذيذِ، ثمَّ قُمْنَ بنشاطاتِهِنَّ المعهودَةِ.
ارتدتِ الفراشةُ البرتقاليَّةُ الأمُّ ثيابَها وغادرتْ لشراءِ بعضِ الحاجيّاتِ الضَّروريَّةِ للمنزلِ، وأوصتِ ابنتَها الفراشةَ البُرتقاليَّةَ الصَّغيرةَ بعدم العبثِ بشيءٍ أثناءَ غيابِها.

هزَّتِ الصَّغيرةُ رأسَها مُطيعةً، وأغلقتِ البابَ خلفَ أُمِّها.
بدأتْ تلعبُ بِكُرتِها الملوَّنةِ الَّتي تدحرَجتْ إلى المطبخِ، فلحِقَتْها ملهوفةً، أمسكتْ بها، وبينما كانتْ تهُمُّ بمغادرةِ المطبخِ وقعتْ عيناها على علبةِ الكبريتِ الَّتي رأتْها منذُ يومَينِ، ونهتْها أمُّها عن لمسِها، ثمَّ خبَّأتْها.

اقتربتْ من طاولةِ الطَّعامِ، أخذَتْها بفرحٍ، وقالت ضاحِكةً:
حانَ وقتُ اللعبِ بأعوادِ الثِّقابِ!
سيكونُ أمرًا مُسلِّيًا، ومُمتِعًا!
بدأت بإشعالِ عودٍ، اتَّسَعَتْ عيناها دهشةً حينَ رأتْ توهُّجَهُ الجميلَ، ولكنَّهُ سرعانَ ماانطَفَأَ، فبادرتْ إلى إشعالِ عودٍ ثانٍ، وهيَ تُغنِّي:
الجوُّ مُشمِسٌ
لنْ أجمعَ الرَّحيقَ
لنْ ألثُمَ الأزهارَ
الوقتُ مُمتِعٌ
في المنزلِ أنا وَحدِي
أُُُشعِلُ الكبريتَ
ماأجملَ النَّارَ!

وفجأةً احترقَتْ يدُها، فصرختْ مذعورةً، ورمتْ عودَ الثِّقابِ الَّذي وقعَ على الكرسيِّ المُجاورِ للطَّاولةِ.
ولِشِدَّةِ ذُعرِها لم تنتبِهْ، فقد ولَّتْ هاربةً إلى غرفتِها. جلستْ تبكي من الألمِ، وبعد قليلٍ شمَّتْ رائحةً غريبةً، ثمَّ رأتِ الدُّخانَ يخرجُ من المطبخِ، ولوَلَتْ مذعورةً، وخرجتْ تستنجدُ بالفراشاتِ اللواتي ارتعبنَ لمَّا رأينَ النَّارَ مشتعلةً في المطبخِ.
وبسرعةٍ كبيرةٍ تعاونَ الجميعُ، حيثُ استتفرتِ الفراشةُ البيضاءُ (الملكةُ) كلَّ فراشاتِ المملكةِ وحثَّتْهُنَّ على إخمادِ الحريقِ قبلَ أن يمتدَّ إلى كلِّ أرجاءِ المنزلِ.

أُخمِدَ الحريقُ، وقُبيلَ وصولِ الأمِّ طارتْ الفراشةُ الملكةُ والتقَتْها في منتصفِ الطَّريقِ ثمَّ أخبرَتْها بِلُطفٍ قبلَ أن تصلَ، وترى المنزلَ المُسوَدَّ بسببِ الدُّخانِ.
صُدِمَتِ المسكينةُ، لكنَّها سُرَّتْ حينَ اطمّأنَّتْ على صغيرتِها، وعندَ وصولِها عانَقَتْها باكيةً، أمَّا الفراشةُ الصَّغيرةُ الحمقاءُ، فارتعدَتْ خوفًا من عقابِ أُمِّها الَّتي وبَّخَتْها، ثمَّ حرَمَتْها من الخروجِ، واللعبِ في المروجِ مع رفيقاتِها لمدَّةِ ثلاثةِ أيَّامٍ، وأخذتْ منها وعدًا بعدمِ مخالفةِ أوامرِها مرَّةً ثانيةً.

في صبيحةِ اليومِ التَّالي طُرِقَ بابُ المنزلِ، وكانتْ مفاجأةً جميلةً حينَ دخلتِ الفراشةُ الملِكةُ، ومعها فراشاتٌ أُخرَياتٌ، وقد حملْنَ معهُنَّ أوانٍ منزليَّةً جديدةً كتعويضٍ عن خسائرِ الفراشةِ المسكينةِ لأغراضِ مطبخِها المُحتَرِقةِ.
نظرتِ الفراشة البرتقاليَّةُ الأُمُّ إلَيهُنَّ بِمَحبَّةٍ، وقالتْ:
ألا يكفي معروفُكُنَّ الجميلُ معَ ابنتي، وإنقاذُها؟
شكرًا لمساعدتكنَّ، تهونُ المصائِبُ بوجودِ أمثالِكنَّ.
كم أنا محظوظةٌ بكنَّ أيُّتها الرَّائعاتُ!

   ميَّادة مهنَّا سليمان

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire