العنوان ~ الخطّاف المغترب
وجدتُهُ في قُمقُمٍ طِينِيٍّ
مُرتديا أسرارهُ كالأُحجيهْ
مُنتظرا قارئةَ الكفِّ التي لن تأتي
هاجمها اللّصوصُ في الظّلماءِ
وكسّروا الفنجانَ
وجدتُهُ يدقُّ مثلَ ساعةِ الجدارْ
كأنّه يطرقُ بابَ الموتةِ الكبرى
يودُّ لو يُحطّمُ الأسوارَ
ليصفعَ الضّوءَ ويسدلَ السّتارْ
عن قصّة الحبّ القديمةِ
بينَ الثّرى والمطرْ
وجدتُهُ في قُمقُمٍ طينيٍّ
رِفقةَ جنّيٍّ مسنّْ
يعرفُ أخبارَ السّماءِ... يُتقنُ التَّأويلَ
لكنّهُ أبكمُ، مقطوع اللّسان
ليس له تأشيرةُ الكلامْ
وجدتُهُ في قُمقُمٍ من خشبٍ
في ليلةٍ ظلماء
بجانب الصّرصارِ
يعزفُ لحنا ناشزا... يُردّدُ:
لن أقطفَ الشّمسَ، ولن أغوصَ في البحارْ
لن أضعَ الأقمارَ في حقيبتي
لن أجمعَ المحارْ
وجدتُهُ في قُمقُمٍ من حجرٍ
يغطُّ في الأحلام والرّؤى
يرى قوافلَ البشرْ
تغرقُ في الحُمّى وفي الصّدى
قُبطانها في عُطلة... في عُزلةٍ
يرى جحافلَ الفراشْ
تُغادرُ الحقولَ والحدائقَ
يرى نوى الخطّافِ
وبُعدَهُ عن الرّبيعْ
يرى البقولَ تيبسُ
تموتُ جوعا... تلفظُ الأنفاسَ
وجدتُهُ في قُمقُمٍ من ورقٍ
في يدهِ أقلامُهُ الجافّةُ والمحبرةُ الفارغةُ
في يده الفراغُ والغيابْ
والحرفُ من حولهِ صائمٌ عن الكلام
يحلمُ بالموجِ وبالرّياح
بعودةِ الخُطّافِ
بقلم ~ فتحي الحمزاوي/تونس
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire